زاد المعاد
03-31-2013, 10:46 PM
إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله تعالى من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، البشير، النذير، السراج، المزهر، المنير، خير الأنبياء مقاماً، وأحسن الأنبياء كلاماً. لبنة تمامهم، ومسك ختامهم، رافع الإصر والأغلال، الداعي إلى خير الأقوال، والأعمال، والأحوال. الذي بعثه ربه جل وعلا بالهدى ودين الحق بين يدي الساعة بشيراً ونذيراً وداعياً إليه بإذنه وسراجاً منيراً، فختم به الرسالة وعلم به من الجهالة وهدى به من الضلالة وفتح به أعين عميا وآذاناً صمى وقلوب غلفى وتركنا بأبي وأمي على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
اللهم وكما آمنا به ولم نره، فلا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله، وأوردنا يا رب بفضلك وبرحمتك حوضه الأصفى، واسقنا منه بيده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نرد ولا نظمأ بعدها أبداً يا أرحم الراحمين.
أحبتي في الله "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ".
هذه رسالتي اليوم إلى أهل بورسعيد، أصحاب التاريخ المجيد، أصحاب البطولة والكفاح والشرف، لا يزايد على تاريخ هذا البلد الكريم إلا مزايد.
فأهل بورسعيد تاريخهم طويل مشرق مجيد، قبل افتتاح قناة السويس ببعيد، وعلى هذا المنبر المبارك خطبت لكم خطبة بعنوان "بورسعيد تاريخ مجيد"، أرجوا أن تراجعوها ليعيى كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة قيمة، وقدر، ومكانة، وقامة هذا البلد.
أردت اليوم أن أوجه لحضراتكم هذه الرسالة بصفة خاصة، ولكل مصري يعيش على أرض مصر الطيبة بصفة عامة. "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ".
أعلم أن المحن كثيرة، وأن الفتن شديدة، وأن الابتلاءات متعددة.
فـ إلى كل مبتلى، إلى من ابتُلِيَ في نفسه، وماله، وولده، ورزقه، وصحته، وزوجه، وأسرته، إلى كل من تعرض لأي نوع من أنواع البلاء، فصبر جميل.
الصبر مثل اسمه مر مذاقته ..... لكن عواقبه أحلى من العسل
إن الله تعالى قد جعل الصبر جواداً لا يكبو، وجنداً لا يُهزم، وحصناً لا يُهدم.
فالصابرون.. في معية الملك، ويا لها من معية. إنها معية الحفظ، والنصر، والمدد، والتأييد، إنها معية الرزق، والبركة، والرحمة،[..وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)]الأنفال. والصابرون محبوبون لرب العالمين قال جل وعلا:[..وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ..(146)]آل عمران. بل ويبين الحق جل جلاله أن الإمامة في الدين لا تنال إلا إذا تزوج الصبر باليقين. قال رب العالمين:[ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)]السجدة.. وبين كرامة الصابرين حين تدخل الملائكة عليهم الجنة لتهنئهم لتبارك لهم مكانتهم عند ربهم فقال سبحانه:[..وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)]الرعد. بل وأعطاهم ما لم يُعط غيرهم جل جلاله، قال سبحانه:[وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)]. البشرى لك من الله أيها الصابر، أيها المبتلى الصابر، البشرى لك من الله[..وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)]البقرة.
أيها المبتلى في ولدك.. أيها المبتلى في رزقك.. أيها المبتلى في صحتك.. أيها المبتلى في صبرك ونفسك بالضيق والنكد والهم..
أيها المبتلى.. اصبر فلقد جمع الله لك من البشريات ما لم يجمعه لغيرك من أمة محمد. [أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)]البقرة. بل وبين جل جلاله أنه لا يعلم أجر الصابرين إلا الله فقال جل علاه:[..إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)]الزمر. وإذا جاءت الهدية من عند الملك جاءت مضمخة بطيبه فكيف إذا كان العطاء ممن لا تنفد خزائنه جل جلاله:[..إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)]الزمر
ألم أقل لك حبيبي..
الصبر مثل اسمه مر مذاقته ..... لكن عواقبه أحلى من العسل؟.
الابتلاء شديد يحتاج إلى صبر جميل..
ما هو الصبر؟. وما هو الصبر الجميل؟.
الصبر هو المنع والحبس، حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي، وحبس الجوارح عن المعاصي، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
صبرٌ أو صبرٍ وكلاهما يصح لغة، صبر على المأمور، أي صبر على الطاعة، وصبر عن المحظور، أي صبر عن المعصية، وصبر على المقدور أي صبر على البلاء.
أكرر عليك حبيبي في الله..
الصبر ثلاثة أقسام: صبر على المأمور أي صبر على الطاعة، وصبر عن المحظور أي صبر عن المعصية، وصبر على المقدور أي على البلاء، على ما قدره الله عليك من المصائب والمحن والابتلاءات.
بل اعلم حبيبي.. أنه لا يتم لك إيماناً، ولا يكتمل إيمانك، إلا بالإيمان بالقضاء والقدر، إلا بالإيمان بالقدر خيره وشره. هكذا قال الصادق خيره وشره، قال الإمام مسلم:"حدثني أبو خيثمة زهير ابن حرب حدثنا وكيع عن كهمس عن عبد الله بن بريده عن يحيي بن يعمر قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين. فقلنا: لو لقينا أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه عن ما يقول هؤلاء في القدر. قال: فوفق لنا عبد الله بن عمر داخلاً المسجد. فاكتنفته أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، وظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي -أي سيدع لي سؤال عبد الله ابن عمر-. فقلت: أبا عبد الرحمن -ينادى على ابن عمر- أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرأون القرآن ويتقفرون العلم- أي يبحثون عن غوامضه وخوافيه ودقائق مسائله، وذكر من شأنهم معظماً مفخماً لهم، ويزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف أي مستأنف لا يعلمه الله إلا بعد أن يقع. فقال عبد الله ابن عمر: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني. والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهب فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم ساق الحديث الطويل حدثني أبي عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله وسلم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فجلس إلى النبي وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد -صلى الله عليه وآله الطيبين وأصحابه الغر الميامين-. يا محمد أخبرني عن الإسلام. قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت. قال عمر: فعجبنا له يسأله ويصدقه. الشاهد من الحديث ثم قال: أخبرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره".
أيها المؤمن هل تذوقت حلاوة الإيمان بالقدر خيره وشره؟.
لن تتذوق طعم الإيمان بالقدر خيره وشره، إلا إذا استسلمت لقدر الله كله خيره وشره وأنت في غاية الحب لله، والرضا عن الله. ليس معنى ذلك أن تتكاسل وأن تتواكل وأن تقول أنا مستسلم لقدره دون أن ءأخذ بأسباب العز، وأسباب النصر وأسباب الإبداع، وأسباب التقدم، وأسباب التمكين.
فالتوكل على الله: صدق اعتماد القلب على الله مع الأخذ بالأسباب.
قال حبيبنا المصطفى كما في مسند أحمد بسند صحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً -أي وبطونها فارغة- وتروح بطانه". أي ترجع بالمساء في وقت الروحة وقد رزقها من يرزق الكفار، أفا يرزق ربك الكفار وينسى أن يرزق من وحدوا العزيز الغفار.
حقق الإيمان بالقدر خير وشره..
يتبع بإذن الله.
اللهم وكما آمنا به ولم نره، فلا تفرق بيننا وبينه حتى تدخلنا مدخله، وأوردنا يا رب بفضلك وبرحمتك حوضه الأصفى، واسقنا منه بيده الشريفة شربة هنيئة مريئة لا نرد ولا نظمأ بعدها أبداً يا أرحم الراحمين.
أحبتي في الله "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ".
هذه رسالتي اليوم إلى أهل بورسعيد، أصحاب التاريخ المجيد، أصحاب البطولة والكفاح والشرف، لا يزايد على تاريخ هذا البلد الكريم إلا مزايد.
فأهل بورسعيد تاريخهم طويل مشرق مجيد، قبل افتتاح قناة السويس ببعيد، وعلى هذا المنبر المبارك خطبت لكم خطبة بعنوان "بورسعيد تاريخ مجيد"، أرجوا أن تراجعوها ليعيى كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة قيمة، وقدر، ومكانة، وقامة هذا البلد.
أردت اليوم أن أوجه لحضراتكم هذه الرسالة بصفة خاصة، ولكل مصري يعيش على أرض مصر الطيبة بصفة عامة. "فَصَبْرٌ جَمِيلٌ".
أعلم أن المحن كثيرة، وأن الفتن شديدة، وأن الابتلاءات متعددة.
فـ إلى كل مبتلى، إلى من ابتُلِيَ في نفسه، وماله، وولده، ورزقه، وصحته، وزوجه، وأسرته، إلى كل من تعرض لأي نوع من أنواع البلاء، فصبر جميل.
الصبر مثل اسمه مر مذاقته ..... لكن عواقبه أحلى من العسل
إن الله تعالى قد جعل الصبر جواداً لا يكبو، وجنداً لا يُهزم، وحصناً لا يُهدم.
فالصابرون.. في معية الملك، ويا لها من معية. إنها معية الحفظ، والنصر، والمدد، والتأييد، إنها معية الرزق، والبركة، والرحمة،[..وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46)]الأنفال. والصابرون محبوبون لرب العالمين قال جل وعلا:[..وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ..(146)]آل عمران. بل ويبين الحق جل جلاله أن الإمامة في الدين لا تنال إلا إذا تزوج الصبر باليقين. قال رب العالمين:[ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ (24)]السجدة.. وبين كرامة الصابرين حين تدخل الملائكة عليهم الجنة لتهنئهم لتبارك لهم مكانتهم عند ربهم فقال سبحانه:[..وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)]الرعد. بل وأعطاهم ما لم يُعط غيرهم جل جلاله، قال سبحانه:[وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمْوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155)]. البشرى لك من الله أيها الصابر، أيها المبتلى الصابر، البشرى لك من الله[..وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ (156) أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)]البقرة.
أيها المبتلى في ولدك.. أيها المبتلى في رزقك.. أيها المبتلى في صحتك.. أيها المبتلى في صبرك ونفسك بالضيق والنكد والهم..
أيها المبتلى.. اصبر فلقد جمع الله لك من البشريات ما لم يجمعه لغيرك من أمة محمد. [أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ (157)]البقرة. بل وبين جل جلاله أنه لا يعلم أجر الصابرين إلا الله فقال جل علاه:[..إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)]الزمر. وإذا جاءت الهدية من عند الملك جاءت مضمخة بطيبه فكيف إذا كان العطاء ممن لا تنفد خزائنه جل جلاله:[..إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ (10)]الزمر
ألم أقل لك حبيبي..
الصبر مثل اسمه مر مذاقته ..... لكن عواقبه أحلى من العسل؟.
الابتلاء شديد يحتاج إلى صبر جميل..
ما هو الصبر؟. وما هو الصبر الجميل؟.
الصبر هو المنع والحبس، حبس النفس عن الجزع، وحبس اللسان عن التشكي، وحبس الجوارح عن المعاصي، وهو ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
صبرٌ أو صبرٍ وكلاهما يصح لغة، صبر على المأمور، أي صبر على الطاعة، وصبر عن المحظور، أي صبر عن المعصية، وصبر على المقدور أي صبر على البلاء.
أكرر عليك حبيبي في الله..
الصبر ثلاثة أقسام: صبر على المأمور أي صبر على الطاعة، وصبر عن المحظور أي صبر عن المعصية، وصبر على المقدور أي على البلاء، على ما قدره الله عليك من المصائب والمحن والابتلاءات.
بل اعلم حبيبي.. أنه لا يتم لك إيماناً، ولا يكتمل إيمانك، إلا بالإيمان بالقضاء والقدر، إلا بالإيمان بالقدر خيره وشره. هكذا قال الصادق خيره وشره، قال الإمام مسلم:"حدثني أبو خيثمة زهير ابن حرب حدثنا وكيع عن كهمس عن عبد الله بن بريده عن يحيي بن يعمر قال: كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني فانطلقت أنا وحميد بن عبد الرحمن الحميري حاجين أو معتمرين. فقلنا: لو لقينا أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه عن ما يقول هؤلاء في القدر. قال: فوفق لنا عبد الله بن عمر داخلاً المسجد. فاكتنفته أنا وصاحبي، أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله، وظننت أن صاحبي سيكل الكلام إلي -أي سيدع لي سؤال عبد الله ابن عمر-. فقلت: أبا عبد الرحمن -ينادى على ابن عمر- أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرأون القرآن ويتقفرون العلم- أي يبحثون عن غوامضه وخوافيه ودقائق مسائله، وذكر من شأنهم معظماً مفخماً لهم، ويزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف أي مستأنف لا يعلمه الله إلا بعد أن يقع. فقال عبد الله ابن عمر: إذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني. والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهب فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم ساق الحديث الطويل حدثني أبي عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله وسلم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يُرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد، فجلس إلى النبي وأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على فخذيه وقال: يا محمد -صلى الله عليه وآله الطيبين وأصحابه الغر الميامين-. يا محمد أخبرني عن الإسلام. قال: الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلاً. قال: صدقت. قال عمر: فعجبنا له يسأله ويصدقه. الشاهد من الحديث ثم قال: أخبرني عن الإيمان. قال: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره".
أيها المؤمن هل تذوقت حلاوة الإيمان بالقدر خيره وشره؟.
لن تتذوق طعم الإيمان بالقدر خيره وشره، إلا إذا استسلمت لقدر الله كله خيره وشره وأنت في غاية الحب لله، والرضا عن الله. ليس معنى ذلك أن تتكاسل وأن تتواكل وأن تقول أنا مستسلم لقدره دون أن ءأخذ بأسباب العز، وأسباب النصر وأسباب الإبداع، وأسباب التقدم، وأسباب التمكين.
فالتوكل على الله: صدق اعتماد القلب على الله مع الأخذ بالأسباب.
قال حبيبنا المصطفى كما في مسند أحمد بسند صحيح من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه:"لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصاً -أي وبطونها فارغة- وتروح بطانه". أي ترجع بالمساء في وقت الروحة وقد رزقها من يرزق الكفار، أفا يرزق ربك الكفار وينسى أن يرزق من وحدوا العزيز الغفار.
حقق الإيمان بالقدر خير وشره..
يتبع بإذن الله.