Dev_Oracle
01-20-2009, 12:49 PM
تدمير وثن القوميين
{وجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}...
هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحطم أوثان الجاهلية حول الكعبة.. وها نحن أولاء نقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نستعين بالله على الإجهاز على البقية الباقية إن كان هناك بقية من ذلك الوثن، الذي طالما عبده الملأ من الناس وألّهوه، ذلك المسمى؛ بالقومية العربية.
وما دفاع بعض عبدة القومية عن دينهم هذا، ومنافحتهم عنه، إلا كمثل الغريق يمسك بالقشة مخافة الغرق السحيق، ولقد أضحت القومية ومن يعبدونها جيفاً نتنة، قد تعفنت واهترأت تحت الطين والوحل منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، منذ أن وضعها الرسول عليه الصلاة والسلام تحت قدمه الشريف حين قال في خطبة الوداع: (وإن كل أمر من أمور الجاهلية تحت قدمي موضوع).
والعجب أن نرى من يأتي ويعمل على إخراجها من تحت الطين والوحل، ليُقَبلُها ويدثر بها جسده.
مازال في عالمنا العربي من يريد أن يجعل الآصرة التي يجتمع عليها الناس في العالم العربي، هي القومية العربية، مازالوا كذلك رغم كل تلك المآسي التي أردت العرب إلى الحضيض بين الأمم.. مازالت المساجلات على صفحات المجلات والجرائد، وبين دفوف الكتب تناقش، هل هي عروبة أم إسلام؟ رغم أن الفترة الزمنية التي نجح فيها القوميون في امتلاك أزقّة الأمور والحكم، كانت ومازالت أسوأ الاحقاب الزمنية التي مرت، وليس على الأمة العربية فحسب، ولكن على كل الأمة الإسلامية فكم من الهزائم مُنيَ بها العرب وكم من عداوات وأحقاد فيما بينهم لازالت إلى الآن تطحن الشعوب العربية المسلمة طحنا.
ما ذلك إلا جرّاء لمخالفة نص الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يقول: (لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى)، وقوله: (دعوها فإنها منتنة)، بعد ما سمّاها جاهلية.
حال العرب قبل الاسلام :
الكل منا يعرف ما كان عليه قبل الاسلام , لا قوة عسكرية ولا اقتصادية ولا قيمة ابدا , فكانوا عبارة عن قبائل متناحرة ليس بينها الا الدم والقتل والثأر , وماكان حال المرأة في ذلك الوقت .
مع اننا لا ننكر الصفات التي عرفوا بها من شجاعة وكرم ونخوة والمروءة ولكنها كانت كقطرة خير في بحر من أمواج الشر المتلاطمة.
الاسلام :
ثم جاء الإسلام فجعل من العرب قوة مرهوبة الجانب، قوضت ملك قيصر وملك كسرى، وليس أدلّ على ذلك من قول أحد الخلفاء لسحابة فوقه: (أذهبي حيث شئت فسوف يأتيني خراجك). ثم انتشر الإسلام فيه أفواجاً فلم يفُضّل عربي على عجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح.
المؤامرة :
حاول الغرب الصليبي تقويض الدولة الإسلامية عن طريق الحروب العسكرية، فيما سمي بالحروب الصليبية، ولكن كلها تحطمت على صخرة الإسلام القوية، وكان لصلاح الدين الأيوبي الكردي المسلم دور عظيم في تحطيم تلك الحملات.
وأيقن مفكروا الغرب الصليبي أنه لا سبيل إلى البلاد الإسلامية والإسلام حي ينبض في عروقهم، فبدأوا يشنون مع الحروب الإستعمارية حروباً من نوع آخر، تستهدف هدم الإسلام في قلوب المسلمين، فبدأ ما عرف بالاستشراق وفيها بدأوا بنشر حب الوطن وافكار القوميات الوطنية والعربية . فأصبح من يقول انا مصري وانا اردني وانا عراقي وانا فلسطيني وانا سعودية وأصبح والولاء للطين اي لارض الوطن وليس لله ورسوله , بل وامتدت الى وجود عنصريات بين العرب وكراهيات مرت على السذج من الناس.
ظهور القومية :
أول ما ظهرت دعوى القومية في أوروبا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، ثم صارت لا يؤبه بها هناك، لأنها ترمز إلى التخلف والرجعية عندهم، ولكن ابتلي بها العالم العربي والأمة الإسلامية.
ولكن من الذي دعى للقومية العربية؟ ولماذا؟
كما ذكرنا أن القومية العربية فكرة أوروبية المنشأ. أما الذين قاموا على نقلها ونشرها في المنطقة العربية فهم النصارى، فالفكرة أوروبية والتنفيذ صليبي.
أما الأهداف التي من أجلها ظهرت دعوى القومية فهي: طرد تركيا دولة الخلافة من المنطقة، وتفريغ المنطقة والعالم الإسلامي من دينه بإحلال العروبة مكان الدين، وبالتالي يمكن أن يدخل مكانه أي دين أو فكر جديد في المنطقة، وهذا ما حدث.
كيف بدأت الدعوة للقومية :
بدأت الدعوة للقومية العربية بجمعية الآداب والفنون سنة [1847م] وأسسها إبراهيم اليازجي وبطرس البستاني، وهما من النصارى، ثم تحول اسمها إلى الجمعية العلمية السورية سنة [1868م] وكانت تدعو العرب إلى الانفصال عن تركيا.
دين جديد :
أما أنها دين جديد يريد القوميون أن يحلوه محل الإسلام، فذلك واضح جداً في كتاباتهم، ومن أقوالهم، ومن ومنهم من يصرح بذلك دون مواربة.
فيقول عمر فاخوري في كتابة "كيف ينهض العرب": (لا ينهض العرب إلا إذا أصبحت العروبة مبدأ يغار عليه العربي كما يغار المسلم على قرآنه ) .
عقيدة القوميين :
كل الأحزاب القومية العربية ذات فكر اشتراكي، وذلك لأن القومية كما ذكرنا أنفاً جاءت لتقوض الإسلام وتخرجه من نفوس وقلوب المسلمين، فكان لا بد من وجود فكرة عقائدية يعتنقها الناس والمجتمعات، وذلك لأن المجتمعات لا تقبل الفراغ، ولما كانت الرأسمالية ليس لها توجه عقائدي، كانت الاشتراكية هي الفكرة البديلة.
قال أحد افراد حزب البعث العراقي البائس :
آمنت بالبعث ربا لا شريك له ......... وبالعروبة دينا ما له ثاني
وقال شاعر احد القوميين :
سلام على الكفر يوحد بيننا ............ وأهلا وسهلا بعده بجهنم
ظلمات بعضها فوق بعض :
وكما اقتربت القومية العربية بالعداء للإسلام، وكما هو واضح من كلام منظريهم ومفكريهم، اقترنت القومية والقوميون بالعمالة للاستعمار وأعداء الأمة، وإذا ذهبنا نستعرض خيانات القوميين وعمالاتهم التي أظهرها الله على ألسنتهم وألسنة الذين كانوا يعملون لحسابهم، لطال المقام وطال ولكن نذكر منها طرفاً للتدليل والاستشهاد على أن شعار القوميين المرفوع ما هو إلا دهان باطنه العمالة والخسة، وظاهرة التقدمية والثورية إلى آخر هذه الشعارات.
أما سقوط فلسطين وإعلان دولة اليهود فقد كان للقوميين العرب دور بارز في ذلك.. من ذلك:
• انسحاب فوزي القاوقجي بجيش الانقاذ بعد معارك ناجحة ضد اليهود مما أدى إلى نتائج سيئة وسقوط المدن الفلسطينية تباعاً.
• محاكمة القائد العراقي عمر علي محاكمة عسكرية بعد عودته إلى العراق بعد أن قاوم اليهود وأحدث فيهم مقتلة عظيمة، وكانت التهمة هي التمرد على الأوامر.
ثم جاءت اتفاقيات الهدنة، والاعتراف بدولة إسرائيل، وكان في ذلك من العمالة والخيانة ما لا يخفى على أحد لآن:
1) الأسلحة الفاسدة للجيش المصري.
2) اعتقال الإخوان من الجبهة وإرسالهم إلى معتقل الطور.
3) حين كان بإمكان الجيش العراقي أن يضرب اليهود رد القادة العراقيون: (ما كوا أوامر إلى الجيش العراقي).
4) ثم اتفاقية رودس سنة [1949م] التي سلمت بموجبها أراضي فلسطين إلى اليهود. ولعل تصريح رئيس وزراء مصر في هذه الأيام بأنه لن يتناول في محادثته مع الأنجليز موضوع فلسطين لأنه رئيس وزراء مصر وليس رئيس وزراء فلسطين. أوضح دليل.
والدليل الأوضح الذي استبان بعد حرب [1967م] هو النكبة والنكسة.
فقد استيقظت الجماهير العربية في صباح الخامس من يونيو على هزيمة ما رأت البشرية لها نظيراً، وما سجل التاريخ العسكري اندحاراً أغرب من هذا، ثلاثة جيوش عربية الجيش المصري والجيش السوري ينحدرون في سويعات أمام الجيش اليهودي، وتترك مساحات شاسعة من الأرض مازال أكثر من نصفها تحت الاحتلال اليهودي، فعندما حوكم صلاح نصر مدير المخابرات المصرية آنذاك، سئل عن ملابسات الهزيمة ومسئولية جهاز المخابرات المصرية عن ذلك؟ ذكر أنهم كانوا على يقين أن الضربة الأولى ستكون للطيران يوم الاثنين الخامس من يونيو الساعة الخامسة صباحاً وقال: (أبلغنا ذلك للقيادة).. وقال أيضاً: (ودخلت عليه - يعني جمال عبد الناصر - فكنت أجده يقدم ويؤخر مقاطع من أغنية عبد الحليم "لأجل الربيع.. لأجل الحياة.. لأجل عشاق الحياة.. اضرب وقاتل").
وقال جمال نفسه عند الاستقالة: (لقد كنا نعلم مائة في المائة أن الهجوم يوم الاثنين خمسة/يونيو، واتصل بي السفير الأمريكي الساعة السابعة مساء، وقال؛ لا تضرب، واتصل بي السفير الروسي الساعة الثالثة فجراً، وقال؛ لا تضرب )
أليس عجيباً أن يطيع أوامر السفير الأمريكي على الرغم من أنه كان يقول قبل الحرب بأيام؛ سنحارب إسرائيل ومن وراء إسرائيل؟
موقف الاسلام من القوميين :
من المعروف أن مبادئ الإسلام ومبادئ القوميين متباينة كلياً، فالذي يعتبره القوميون مصدر القوة، هو مصدر الضعف والخذلان عند الأمة الإسلامية، فقوة المسلمين على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وأوطانهم هي في وحدتهم التي توجدها آصرة الدين وليس الوطن أو النسب أو اللغة أو غير ذلك من الأمور التي يلتف حولها القوميون، وآصرة الدين هي التي كانت سبب قوتهم وعزتهم وسيادتهم للدنيا طوال قرون عديدة،
يمكننا القول: إن الدعوة للقومية العربية أو غيرها من القوميات باطل، ويكاد يكون معلوماً من دين الإسلام بالضرورة، لأنها منكر ظاهر، وجاهلية نكراء وكيد سافر للإسلام وأهله، وذلك من وجوه أربعة:
• أولاً: أنها تفرّق بين المسلمين وتفضل المسلم العجمي عن المسلم العربي، بل تفرّق بين العرب أنفسهم وتقسمهم أحزاباً، فهي بذلك تخالف مقاصد الإسلام التي تدعو إلى الاجتماع والوئام.
قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، وقال: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
• ثانياً: لأنها من أمر الجاهلية وتدعو إلى الجاهلية فهي تدعو إلى غير الإسلام، وكل ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن من نسب وبلد وجنس ومذهب أو طريقة فهو عودة للجاهلية.
والرسول صلى الله عليه وسلم حين كادت أن تنشب حرب بين الأوس والخزرج غضب، وقال: (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم) وهو القائل: (ليس منا من دعا إلى عصبية)، و (ليس منا من قاتل على عصبية)، و (ليس منا من غضب على عصبية).
ولا ريب أن كل ما يفعله دعاة القومية من أجل العصبية وهذا يخالف الإسلام والدين فهي تدعو إلى الجاهلية في كل شيء، وهذا كله يخالف الإسلام الذي يدعو إلى التقوى والتواضع والتحاب في الله.
• ثالثاً: القومية تؤدي إلى موالاة الكفار العرب من أبناء غير المسلمين واتخاذهم بطانة والإستنصار بهم على غير القوميين من المسلمين وغيرهم، والقرآن يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم}.
• رابعاً: لأن الدعوة للقومية تفضي بالمجتمع إلى رفض حكم القرآن الكريم لأن القوميين غير المسلمين لن يرضوا بتحكيم الشرع فيوجب هذا على زعماء القومية أن يتخذوا أحكاماً وضعية تخالف القرآن حتى يستوي مجتمع القومية في تلك الأحكام.
وأخيرا ...
فهذه دعوة إلى المسلمين في كل الأرض إلى نبذ قومياتهم، والالتفاف حول الدين وحول رابطة الإسلام فهي الوحيدة التي ترفع شأنهم عرباً وعجماً كما رفعت شأن أسلافنا من قبل فسادوا الدنيا شرقاً وغرباً.
الحمد لله...
{وجاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا}...
هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحطم أوثان الجاهلية حول الكعبة.. وها نحن أولاء نقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نستعين بالله على الإجهاز على البقية الباقية إن كان هناك بقية من ذلك الوثن، الذي طالما عبده الملأ من الناس وألّهوه، ذلك المسمى؛ بالقومية العربية.
وما دفاع بعض عبدة القومية عن دينهم هذا، ومنافحتهم عنه، إلا كمثل الغريق يمسك بالقشة مخافة الغرق السحيق، ولقد أضحت القومية ومن يعبدونها جيفاً نتنة، قد تعفنت واهترأت تحت الطين والوحل منذ أكثر من أربعة عشر قرناً من الزمان، منذ أن وضعها الرسول عليه الصلاة والسلام تحت قدمه الشريف حين قال في خطبة الوداع: (وإن كل أمر من أمور الجاهلية تحت قدمي موضوع).
والعجب أن نرى من يأتي ويعمل على إخراجها من تحت الطين والوحل، ليُقَبلُها ويدثر بها جسده.
مازال في عالمنا العربي من يريد أن يجعل الآصرة التي يجتمع عليها الناس في العالم العربي، هي القومية العربية، مازالوا كذلك رغم كل تلك المآسي التي أردت العرب إلى الحضيض بين الأمم.. مازالت المساجلات على صفحات المجلات والجرائد، وبين دفوف الكتب تناقش، هل هي عروبة أم إسلام؟ رغم أن الفترة الزمنية التي نجح فيها القوميون في امتلاك أزقّة الأمور والحكم، كانت ومازالت أسوأ الاحقاب الزمنية التي مرت، وليس على الأمة العربية فحسب، ولكن على كل الأمة الإسلامية فكم من الهزائم مُنيَ بها العرب وكم من عداوات وأحقاد فيما بينهم لازالت إلى الآن تطحن الشعوب العربية المسلمة طحنا.
ما ذلك إلا جرّاء لمخالفة نص الرسول عليه الصلاة والسلام الذي يقول: (لا فضل لعربي على عجمي ولا لأبيض على أسود ولا لأسود على أبيض إلا بالتقوى)، وقوله: (دعوها فإنها منتنة)، بعد ما سمّاها جاهلية.
حال العرب قبل الاسلام :
الكل منا يعرف ما كان عليه قبل الاسلام , لا قوة عسكرية ولا اقتصادية ولا قيمة ابدا , فكانوا عبارة عن قبائل متناحرة ليس بينها الا الدم والقتل والثأر , وماكان حال المرأة في ذلك الوقت .
مع اننا لا ننكر الصفات التي عرفوا بها من شجاعة وكرم ونخوة والمروءة ولكنها كانت كقطرة خير في بحر من أمواج الشر المتلاطمة.
الاسلام :
ثم جاء الإسلام فجعل من العرب قوة مرهوبة الجانب، قوضت ملك قيصر وملك كسرى، وليس أدلّ على ذلك من قول أحد الخلفاء لسحابة فوقه: (أذهبي حيث شئت فسوف يأتيني خراجك). ثم انتشر الإسلام فيه أفواجاً فلم يفُضّل عربي على عجمي إلا بالتقوى والعمل الصالح.
المؤامرة :
حاول الغرب الصليبي تقويض الدولة الإسلامية عن طريق الحروب العسكرية، فيما سمي بالحروب الصليبية، ولكن كلها تحطمت على صخرة الإسلام القوية، وكان لصلاح الدين الأيوبي الكردي المسلم دور عظيم في تحطيم تلك الحملات.
وأيقن مفكروا الغرب الصليبي أنه لا سبيل إلى البلاد الإسلامية والإسلام حي ينبض في عروقهم، فبدأوا يشنون مع الحروب الإستعمارية حروباً من نوع آخر، تستهدف هدم الإسلام في قلوب المسلمين، فبدأ ما عرف بالاستشراق وفيها بدأوا بنشر حب الوطن وافكار القوميات الوطنية والعربية . فأصبح من يقول انا مصري وانا اردني وانا عراقي وانا فلسطيني وانا سعودية وأصبح والولاء للطين اي لارض الوطن وليس لله ورسوله , بل وامتدت الى وجود عنصريات بين العرب وكراهيات مرت على السذج من الناس.
ظهور القومية :
أول ما ظهرت دعوى القومية في أوروبا في القرن الثامن عشر والتاسع عشر، ثم صارت لا يؤبه بها هناك، لأنها ترمز إلى التخلف والرجعية عندهم، ولكن ابتلي بها العالم العربي والأمة الإسلامية.
ولكن من الذي دعى للقومية العربية؟ ولماذا؟
كما ذكرنا أن القومية العربية فكرة أوروبية المنشأ. أما الذين قاموا على نقلها ونشرها في المنطقة العربية فهم النصارى، فالفكرة أوروبية والتنفيذ صليبي.
أما الأهداف التي من أجلها ظهرت دعوى القومية فهي: طرد تركيا دولة الخلافة من المنطقة، وتفريغ المنطقة والعالم الإسلامي من دينه بإحلال العروبة مكان الدين، وبالتالي يمكن أن يدخل مكانه أي دين أو فكر جديد في المنطقة، وهذا ما حدث.
كيف بدأت الدعوة للقومية :
بدأت الدعوة للقومية العربية بجمعية الآداب والفنون سنة [1847م] وأسسها إبراهيم اليازجي وبطرس البستاني، وهما من النصارى، ثم تحول اسمها إلى الجمعية العلمية السورية سنة [1868م] وكانت تدعو العرب إلى الانفصال عن تركيا.
دين جديد :
أما أنها دين جديد يريد القوميون أن يحلوه محل الإسلام، فذلك واضح جداً في كتاباتهم، ومن أقوالهم، ومن ومنهم من يصرح بذلك دون مواربة.
فيقول عمر فاخوري في كتابة "كيف ينهض العرب": (لا ينهض العرب إلا إذا أصبحت العروبة مبدأ يغار عليه العربي كما يغار المسلم على قرآنه ) .
عقيدة القوميين :
كل الأحزاب القومية العربية ذات فكر اشتراكي، وذلك لأن القومية كما ذكرنا أنفاً جاءت لتقوض الإسلام وتخرجه من نفوس وقلوب المسلمين، فكان لا بد من وجود فكرة عقائدية يعتنقها الناس والمجتمعات، وذلك لأن المجتمعات لا تقبل الفراغ، ولما كانت الرأسمالية ليس لها توجه عقائدي، كانت الاشتراكية هي الفكرة البديلة.
قال أحد افراد حزب البعث العراقي البائس :
آمنت بالبعث ربا لا شريك له ......... وبالعروبة دينا ما له ثاني
وقال شاعر احد القوميين :
سلام على الكفر يوحد بيننا ............ وأهلا وسهلا بعده بجهنم
ظلمات بعضها فوق بعض :
وكما اقتربت القومية العربية بالعداء للإسلام، وكما هو واضح من كلام منظريهم ومفكريهم، اقترنت القومية والقوميون بالعمالة للاستعمار وأعداء الأمة، وإذا ذهبنا نستعرض خيانات القوميين وعمالاتهم التي أظهرها الله على ألسنتهم وألسنة الذين كانوا يعملون لحسابهم، لطال المقام وطال ولكن نذكر منها طرفاً للتدليل والاستشهاد على أن شعار القوميين المرفوع ما هو إلا دهان باطنه العمالة والخسة، وظاهرة التقدمية والثورية إلى آخر هذه الشعارات.
أما سقوط فلسطين وإعلان دولة اليهود فقد كان للقوميين العرب دور بارز في ذلك.. من ذلك:
• انسحاب فوزي القاوقجي بجيش الانقاذ بعد معارك ناجحة ضد اليهود مما أدى إلى نتائج سيئة وسقوط المدن الفلسطينية تباعاً.
• محاكمة القائد العراقي عمر علي محاكمة عسكرية بعد عودته إلى العراق بعد أن قاوم اليهود وأحدث فيهم مقتلة عظيمة، وكانت التهمة هي التمرد على الأوامر.
ثم جاءت اتفاقيات الهدنة، والاعتراف بدولة إسرائيل، وكان في ذلك من العمالة والخيانة ما لا يخفى على أحد لآن:
1) الأسلحة الفاسدة للجيش المصري.
2) اعتقال الإخوان من الجبهة وإرسالهم إلى معتقل الطور.
3) حين كان بإمكان الجيش العراقي أن يضرب اليهود رد القادة العراقيون: (ما كوا أوامر إلى الجيش العراقي).
4) ثم اتفاقية رودس سنة [1949م] التي سلمت بموجبها أراضي فلسطين إلى اليهود. ولعل تصريح رئيس وزراء مصر في هذه الأيام بأنه لن يتناول في محادثته مع الأنجليز موضوع فلسطين لأنه رئيس وزراء مصر وليس رئيس وزراء فلسطين. أوضح دليل.
والدليل الأوضح الذي استبان بعد حرب [1967م] هو النكبة والنكسة.
فقد استيقظت الجماهير العربية في صباح الخامس من يونيو على هزيمة ما رأت البشرية لها نظيراً، وما سجل التاريخ العسكري اندحاراً أغرب من هذا، ثلاثة جيوش عربية الجيش المصري والجيش السوري ينحدرون في سويعات أمام الجيش اليهودي، وتترك مساحات شاسعة من الأرض مازال أكثر من نصفها تحت الاحتلال اليهودي، فعندما حوكم صلاح نصر مدير المخابرات المصرية آنذاك، سئل عن ملابسات الهزيمة ومسئولية جهاز المخابرات المصرية عن ذلك؟ ذكر أنهم كانوا على يقين أن الضربة الأولى ستكون للطيران يوم الاثنين الخامس من يونيو الساعة الخامسة صباحاً وقال: (أبلغنا ذلك للقيادة).. وقال أيضاً: (ودخلت عليه - يعني جمال عبد الناصر - فكنت أجده يقدم ويؤخر مقاطع من أغنية عبد الحليم "لأجل الربيع.. لأجل الحياة.. لأجل عشاق الحياة.. اضرب وقاتل").
وقال جمال نفسه عند الاستقالة: (لقد كنا نعلم مائة في المائة أن الهجوم يوم الاثنين خمسة/يونيو، واتصل بي السفير الأمريكي الساعة السابعة مساء، وقال؛ لا تضرب، واتصل بي السفير الروسي الساعة الثالثة فجراً، وقال؛ لا تضرب )
أليس عجيباً أن يطيع أوامر السفير الأمريكي على الرغم من أنه كان يقول قبل الحرب بأيام؛ سنحارب إسرائيل ومن وراء إسرائيل؟
موقف الاسلام من القوميين :
من المعروف أن مبادئ الإسلام ومبادئ القوميين متباينة كلياً، فالذي يعتبره القوميون مصدر القوة، هو مصدر الضعف والخذلان عند الأمة الإسلامية، فقوة المسلمين على اختلاف أجناسهم ولغاتهم وأوطانهم هي في وحدتهم التي توجدها آصرة الدين وليس الوطن أو النسب أو اللغة أو غير ذلك من الأمور التي يلتف حولها القوميون، وآصرة الدين هي التي كانت سبب قوتهم وعزتهم وسيادتهم للدنيا طوال قرون عديدة،
يمكننا القول: إن الدعوة للقومية العربية أو غيرها من القوميات باطل، ويكاد يكون معلوماً من دين الإسلام بالضرورة، لأنها منكر ظاهر، وجاهلية نكراء وكيد سافر للإسلام وأهله، وذلك من وجوه أربعة:
• أولاً: أنها تفرّق بين المسلمين وتفضل المسلم العجمي عن المسلم العربي، بل تفرّق بين العرب أنفسهم وتقسمهم أحزاباً، فهي بذلك تخالف مقاصد الإسلام التي تدعو إلى الاجتماع والوئام.
قال تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا}، وقال: {يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم}.
• ثانياً: لأنها من أمر الجاهلية وتدعو إلى الجاهلية فهي تدعو إلى غير الإسلام، وكل ما خرج عن دعوة الإسلام والقرآن من نسب وبلد وجنس ومذهب أو طريقة فهو عودة للجاهلية.
والرسول صلى الله عليه وسلم حين كادت أن تنشب حرب بين الأوس والخزرج غضب، وقال: (أبدعوى الجاهلية وأنا بين أظهركم) وهو القائل: (ليس منا من دعا إلى عصبية)، و (ليس منا من قاتل على عصبية)، و (ليس منا من غضب على عصبية).
ولا ريب أن كل ما يفعله دعاة القومية من أجل العصبية وهذا يخالف الإسلام والدين فهي تدعو إلى الجاهلية في كل شيء، وهذا كله يخالف الإسلام الذي يدعو إلى التقوى والتواضع والتحاب في الله.
• ثالثاً: القومية تؤدي إلى موالاة الكفار العرب من أبناء غير المسلمين واتخاذهم بطانة والإستنصار بهم على غير القوميين من المسلمين وغيرهم، والقرآن يقول: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم}.
• رابعاً: لأن الدعوة للقومية تفضي بالمجتمع إلى رفض حكم القرآن الكريم لأن القوميين غير المسلمين لن يرضوا بتحكيم الشرع فيوجب هذا على زعماء القومية أن يتخذوا أحكاماً وضعية تخالف القرآن حتى يستوي مجتمع القومية في تلك الأحكام.
وأخيرا ...
فهذه دعوة إلى المسلمين في كل الأرض إلى نبذ قومياتهم، والالتفاف حول الدين وحول رابطة الإسلام فهي الوحيدة التي ترفع شأنهم عرباً وعجماً كما رفعت شأن أسلافنا من قبل فسادوا الدنيا شرقاً وغرباً.
الحمد لله...